مذهب الشافعية
1 ـ قال الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في المنهج :
« وعورة حُرَّة غير وجه وكفين« ... . قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على الكتاب السابق عند قوله : « غير وجه وكفين : وهذه عورتها في الصلاة . وأما عورتها عند النساء المسلمات مطلقًا وعند الرجال المحارم ، فما بين السرة والركبة . وأما عند الرجال الأجانب فجميع البدن . وأما عند النساء الكافرات ، فقيل : جميع بدنها ، وقيل : ما عدا ما يبدو عند المهنة » اهـ ( حاشية الجمل على شرح المنهج ـ 1 / 411) .
2ـ وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي ( تحفة المحتاج بشرح المنهاج ـ 3 / 113 ـ 115 ، المطبوع بهامش حاشيتي الشرواني والعبادي ) في « فصل تكفين الميت وحمله وتوابعهما » : « يُكفن الميت بعد غسله بما لَهُ لُبْسُهُ حيًا ... ثم قال : وأقله ثوب يستر العورة المختلفة بالذكورة والأنوثة »اهـ .
وقد كتب الشيخ الشرواني ( حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 3 / 115) في حاشيته على تلك العبارة : « فيجب على المرأة ما يستر بدنها إلا وجهها وكفيها ، حرَّة كانت أو أمة .
ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة ، بل لكون النظر إليهما يوقع في الفتنة غالبًا . شرح : م ر ــ أي شرح شمس الدين بن الرملي رحمهما الله تعالى .
3 ـ وذكر ابن قاسم العبادي في ( حاشيته على تحفة المحتاج ـ 3 / 115) نحو ذلك على العبارة نفسها ، فقال : « فيجب ما ستر من الأنثى ولو رقيقة ما عدا الوجه والكفين .
ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة ، بل لخوف الفتنة غالبًا . شرح : م ر » اهـ .
4ـ وقال الشيخ الشرواني : « قال الزيادي في شرح المحرر : إن لها ثلاث عورات : عورة في الصلاة ، وهو ما تقدم ـ أي كل بدنها ما سوى الوجه والكفين .
وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها : جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد .وعورة في الخلوة وعند المحارم : كعورة الرجل »اهـ ـ أي ما بين السرة والركبة ـ ( حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 2 / 112) .
5 ـ وقال أيضًا :
« من تحققت من نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه ، وإلا كانت معينة له على حرام ، فتأثم » اهـ (حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 6 / 193) .
6 ــ وقال الشيخ زكريا الأنصاري : « وعورة الحرة ما سوى الوجه والكفين »
فكتب الشيخ الشرقاوي في حاشيته على هذه العبارة : « وعورة الحرة .. أي : في الصلاة . أما عورتها خارجها بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها حتى الوجه والكفين ولو عند أَمنِ الفتنة » اهـ (تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب ـ 1 / 174) .
7 ــ وقال الشيخ محمد الزهري الغمراوي (أنوار المسالك شرح عمدة السالك وعدة الناسك ص 217 ) : (( ويحرم أن ينظر الرجل إلى شيء من الأجنبية ، سواء كان وجهها ، أو شعرها ، أو ظفرها ، حرة كانت أو أمة ...))
ثم قال بعد أربعة أسطر : (( فالأجنبية الحرة يحرم النظر إلى أي جزء منها ولو بلا شهوة ، وكذا اللمس والخلوة ؛ والأَمة على المعتمد مثلها ، ولا فرق فيها بين الجميلة وغيرها ...)) .
ثم قال في الصفحة التي تليها : ويحرم عليها ـ أي المرأة ـ كشف شيء من بدنها ، ولو وجهها وكفيها لمراهق أو لامرأة كافرة »اهـ .
8 ــ وقال الشيخ محمد بن عبد الله الجرداني (فتح العلام بشرح مرشد الأنام ( 1 / 34 ـ 35 ) : « واعلم أن العورة قسمان : عورة في الصلاة . وعورة خارجها ، وكل منهما يجب ستره » اهـ .وبعد تفصيل طويل نافع قال تحت عنوان : « عورة المرأة بالنسبة للرجال الأجانب ، وما فيه من كلام الأئمة ، وحكم كشف الوجه : « وبالنسبة لنظر الأجنبي إليها جميع بدنها بدون استثناء شيء منه أصلًا ..ثم قال : ويجب عليها أن تستتر عنه ، هذا هو المعتمد ، ونقل القاضي عياض المالكي عن العلماء : أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة ، وعلى الرجال غض البصر عنها . وقيل : وهذا لا ينافي ما حكاه الإمام من اتفاق المسلمين على منع النساء بأن يخرجن سافرات الوجوه ، أي كاشفاتها ، لأن منعهن من ذلك ليس لوجوب الستر عليهن ، بل لأن فيه مصلحة عامة بسدِّ باب الفتنة . نعم : الوجه وجوبه عليها إذا علمت نظر أجنبي إليها ، لأن في بقاء الكشف إعانة على الحرام .
أفاد ذلك السيد أبو بكر في حاشيته على فتح المعين نقلًا عن فتح الجواد .
وضعَّفَ الرملي كلام القاضي ، وذكر أن الستر واجب لذاته . ثم قال : وحيث قيل بالجواز كره ، وقيل : خلاف الأَولى .وحيث قيل بالتحريم ــ وهو الراجح ــ حرم النظر إلى المُنَقَّبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها ، أي ما دار بهما ، كما بحثه الأذرعي ، لا سيَّما إذا كانت جميلة » اهـ ( فتح العلام بشرح مرشد الأنام ـ 1 / 41 ـ 42 ) ، ونحوه في مغني المحتاج ( 3 / 129) .
9ـ وقال الشيخ تقي الدين الحصني (كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار ( 1 / 181 ) :
« ويُكره أن يصلي في ثوب فيه صورة وتمثيل ، والمرأة متنقّبة إلا أن تكون في مسجد وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر ، فإن خيف من النظر إليها ما يجر إلى الفساد حرم عليها رفع النقاب . وهذا كثير في مواضع الزيارة كبيت المقدس ، زاده الله شرفًا ، فليُجتنَب ذلك »اهـ .
10ـ وقال الشيخ محمد بن قاسم الغزي : « وجميع بدن المرأة الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ، وهذه عورتها في الصلاة ، أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها »اهـ (فتح القريب في شرح ألفاظ التقريب ( ص 19) .
11ـ وقد أجاز فقهاء الشافعية للمرأة المُـحْرِمة بالحج أو العمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب ؛ بل أوجبه بعضهم .
قال العلامة الرملي الشهير بالشافعي الصغير : « وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبًا متجافيًا عنه بنحو خشبة وإن لم يُحتَج لذلك لحرٍّ وفتنة .. ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعيَّن طريقًا لدفع نظر مُحرَّم .وقد كتب الشبراملسي في حاشيته عليه : « قوله : ولا يبعد جواز الستر أي : بل ينبغي وجوبه ، ولا ينافيه التعبير بالجواز ، لأنه جوازٌ بعد مَنع ، فيَصدُق بالواجب » اهـ (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ، ومعه حاشية الشبراملسي ( 3 / 333) .
12ـ وقال الخطيب الشربيني : « وإذا أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو ثوب متجافٍ عنه بنحو خشبة ، بحيث لا يقع على البشرة .
« وقد كتب البجيرمي في حاشيته على هذا القول : « فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ولو بحضرة الأجانب ومع خوف الفتنة ، ويجب عليهم غض البصر ، وبه قال بعضهم . والمتجه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه » اهـ (حاشية البجيرمي على الخطيب ( 2 / 391) .
13 ــ ونقل الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي ( أوجز المسالك إلى موطأ مالك ـ 6 / 197 ) نقلًا عن : شرح الإقناع .
في « باب تخمير المحرم وجهه » عن « شرح الإقناع » قوله : « وإذا أرادت » ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو خشبة ، بحيث لا يقع على البشرة . وفي حاشيةِ قوله : « إذا أرادت » ، فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ــ أي في حالة الإحرام ــ ولو بحضرة الأجانب ، ومع خوف الفتنة ، ويجب عليهم غض البصر ، وبه قال بعضهم .
والمتجه في هذه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه »