¤¤*(فقـــه العيــدين المختصـــر )*¤¤
بقلم: سراج منير
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد، فإن هذا توصيف مختصر لمسائل متعلقة بالعيد وصلاته سيما عيد الفطر جعلت فيها أهم المسائل التي يتعرض لها الناس في حياتهم وقرنتها بدليلها الصحيح، سائلاً الله أن ينفع بهذا العمل وأن يبارك عليه وعلى من أعده وقرأه وبلغه وأن ينفع بي والدي، إنه جواد كريم.
أولا هذا العيد الذي يعقب رمضان مذكور في قوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة)(o 185 o).
حكم صلاة العيد: خلاف بين أهل العلم.
الحنابلة يقولون: فرض كفاية.
أما الشافعية والمالكية يقولون: أنها سنة مؤكدة ودليلهم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة عليها.
وذهب الأحناف إلى أنها واجبة على كل مكلف من الذكور البالغين دون الإناث وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ عبد الرحمن السعدي والشيخ محمد العثيمين رحمهم الله واستدلوا على فرضيتها بما ثبت في الصحيحين أن أم عطية رضي الله عنها حدثت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "أمرنا أن نخرج العواتق والحيض وذوات الخدور في العيدين ليشهدن الخير ودعوة المسلمين. قالت: قلت: يا رسول الله: إن إحدانا لا يكون لها جلباب فقال: لتلبسها أختها من جلبابها".
وقال بعض العلماء بوجوب حضور النساء لها لما ثبت في مسند أحمد بإسناد لا بأس به من حديث أخت عبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وجب الخروج على كل ذات نطاق"، أي العيدين. ويشهد لهذا الحديث أثر موقوف ثابت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث ثبت في مصنف ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أنه قال: "حق على كل نطاق الخروج إلى العيد". والى ذلك ذهب طائفة من العلماء وهو مذهب ابن حزم الظاهري والصنعاني والشوكاني واحتمل هذا القول شيخ الإسلام فقال: "وقد يقال بوجوبها على النساء وغيرهم"، وهو الراجـــح.
شروطها: كالجمعة عدا الخطبتين فإنها سنة باتفاق العلماء كما ثبت في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة من حديث عبد الله بن السائب قال: "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب".
وقتها: كصلاة الضحى من شروق الشمس إلى الزوال. ثبت في سنن أبي داوود بإسناد صحيح أن عبد الله بن بسر رضي الله عنه خرج مع الناس في يوم فطر أو أضحى فأنكر إبطاء الإمام فقال: "إنا كنا – مع النبي – قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح"، وعند الطبراني وصححه ابن حجر "وذلك حين تسبيح الضحى". أي حين صلاة الضحى.
هل يستحب له أن يأكل قبلها؟ الجواب: نعم، والدليل ما ثبت في البخاري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات"، وفي رواية معلقة في البخاري: "ويأكلهن وترا" ووصلها الإمام أحمد بإسناد صحيح. فإن أكل طعام آخر فإن هذا يجزئ عنه تدرك به السنة لكن المستحب له أن يأكل تمراً، وقد ثبت في الترمذي والحديث حسن وصححه ابن حبان عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يَطعم ولا يَطعم يوم الأضحى حتى يصلي".
على أي هيئة يخرج؟ يخرج على أحسن هيئة لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "ابتع هذه فالبسها للعيد والوفد"، وثبت عن ابن عمر كما في البيهقي بإسناد جيد أنه كان يلبس في العيد أحسن ثيابه. وقال الإمام مالك: "سمعت أهل العلم يستحبون الزينة والطيب في كل عيد". أي في عيد الفطر وعيد الأضحى ويوم الجمعة.
حكم التكبير: ذهب الظاهرية إلى وجوبه ويستدلون بقول الله تعالى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة)(o 185 o). وليعلم أنه لا يوجد تكبير دبر الصلوات المكتوبة في عيد الفطر، بخلاف الأضحى.
ما حكم التكبير في ليلتي العيد؟ الجواب: التكبير على قسمين: تكبير مقيد وهو التكبير في دبر الصلاة المكتوبة، وتكبير مطلق في ليلتي العيد كأن يكون في الأسواق والمجالس وغيرها. فيسن التكبير المطلق في ليلتي العيد (عيد الفطر وعيد الأضحى) ودليل التكبير في ليلة عيد الفطر هو قول الله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(البقرة)(o 185 o)، هذه الآية فيها أن التكبير يكون عند تمام عدة الشهر فيكبر عند رؤية هلال شوال ويكبر صبيحته حتى يأتي المصلى، وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "انه كان إذا غدا يوم فطر أو أضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يأتي الإمام" وهذا قول الجمهور خلافاً للمالكية الذين يرون التكبير يوم الفطر دون ليلته. ويستدلون بحديث ابن عمر المتقدم غير أن الآية حجة عليهم وفعل ابن عمر لا يدل على انه لم يكبر من الليل.
ما هي صفة التكبير؟ الجواب: خلاف بين أهل العلم.
الحنابلة يقولون: شفعاً.
والشافعية يقولون: يثلث. وكلاهما ثابت.
أما قول الحنابلة فهو لما ثبت في مصنف ابن أبي شيبة من أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول في تكبيره: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله اكبر الله اكبر ولله الحمد".
وأما قول الشافعية فهو لما ثبت عن ابن عباس كما في سنن البيهقي بإسناد صحيح من أنه كان يقول: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد". إذا لو شفع حسن أو ثلث فحسن.
تأخر الإمام حتى وقت الصلاة ومخالفة الطريقكما في حديث جابر الذي في البخاري: "كان النبي إذا خرج إلى المصلى خالف الطريق".
صفتها صلاة العيد: صلاة العيد ركعتان. قال عمر كما في مسند أحمد بإسناد صحيح: "صلاة الفطر، والأضحى ركعتان ركعتان، تمام غير قصر على لسان نبيكم، وقد خاب من افترى".
يكبر في الأولى بعد تكبيرة الإحرام وقبل الاستعاذة ست تكبيرات. ثبت في صحيح أبي داوود حديث عائشة مرفوعا: "التكبير في الفطر والأضحى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرتي الركوع".
يكبر في الثانية وبعد القراءة خمساً. ثبت في صحيح أبي داوود حديث عائشة مرفوعا: "التكبير في الفطر والأضحى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرتي الركوع".
يرفع يديه مع كل تكبيرة. ثبت بإسناد حسن في مسند الإمام أحمد من حديث حجر بن وائل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير. ويقول بينهما: "الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا"، وثبت في المعجم الكبير للطبراني بإسناد صحيح قول عقبة بن عامر: "سألت ابن مسعود عما يقول بعد تكبيرة العيد، قال: يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي". ثم يستعيذ.
ثم يجهر بالفاتحة وبعدها الأعلى.لقول سمرة الثابت في مسند الإمام أحمد: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين، سبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية".
يقرأ بعد الفاتحة في الثانية الغاشية.لقول سمرة الثابت في مسند الإمام أحمد: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين، سبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية".
فإذا سلم خطب خطبتين كخطبتي الجمعة من حيث الأداء لكن يسن أن يستفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات، والخطبة سنة لما ثبت في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة من حديث عبد الله بن السائب قال: "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب".
خطبة النساء: ثبت في مسلم من حديث جابر أنه قال عن جابر رضي الله عنه قال: "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله تعالى وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن وقال: يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ فقال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير، قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن".
هل تصلي الحائض العيد مع المسلمين؟ الجواب: لا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ويعتزل الحيض المصلى".
هل يقضيها من فاتته؟ الجواب: نعم يقضيها لأثر أنس كما في البخاري معلقاً ووصله ابن أبي شيبة والبيهقي أنه قضاها على هيئتها وصفتها، فإذا يقضيها كحالها، وهذا واضح في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك".
هل تجوز التهنئة يوم العيد؟ الجواب: نعم لثبوت ذلك عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما يذكره الإمام أحمد وذكره التركماني في تعليقه على سنن البيهقي عن أبي أمامة وغيره من الصحابة أنهم كانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: "تقبل الله منا ومنك". قال الإمام أحمد إسناده جيد. أما إن صارت التهنئة بما تعارف عليه الناس من الألفاظ فلا بأس فإن هذا من مسائل العادات.
والحمد لله رب العالمينمنقووووول باذن من الشيخ الاخ سراج منير[/size][/color]