غزة .. والأزمة
فهد بن عبدالعزيز السنيدي
يعيش إخواننا في قطاع غزة أياماً عصيبة تكالبت عليهم فيها عصبة الأرض التي استهواها الظلم ، واستجمعت فيها قوى القهر والتسلط ، حتى صرنا نسمع مع هذا الحصار قصصاً مأساوية تفزع القلب وتخيف النفس ، فلا ماء ولا كهرباء ، ولا أطعمة ولا متاع ، بل إن بعض ضروريات الحياة كادت تنقطع عنهم ، بل انقطعت ، وبثت في هذه الأثناء بعض القنوات الفضائية تقارير مختلفة على استحياء منها في تقديم كامل الواقع ، مع إحجام ظاهر وغفلة عجيبة من بعض القنوات المسماة ( إسلامية ) ولا أدري ما معيار الإسلامية التي يطلقونها عليها ، وما ضوابطها ومعاييرها ؟
في ذلك الجو المفعم بالغضب الشعبي ، والضغط الدولي ، والخيانة الداخلية ، والخذلان العربي ، تنادت حماس ونادت الضمير العربي أن يقدم معونة مالية تزيل هذا الواقع وتخفف هذه الوطأة ، وذلك بدفع مبلغ مائة وعشرين مليون دولار فقط ، وهو مبلغ يسير لا يساوي إعانة مالية تقدم لدولة هنا أو هناك ، بل لا يساوي مشروعاً صغيراً يظفر به بعض مسؤولي الدول العربية . . ومع ذلك لا مجيب .
في هذه الأوضاع المحزنة انفجرت الأزمة المالية العالمية الخانقة التي عصفت بالأخضر واليابس وراح ضحيتها أرباب الأموال وكثير من البنوك العالمية ، واهتز بسببها موقف الدول العظمى التي أعلنت حالة من الهيجان والقلق دعا بعض زعمائها إلى التحرك الفوري صوب الدول النفطية ليطالبهم بسرعة التدخل وتسديد الفاتورة العالمية حسب تقسيم مالي رسمته الولايات المتحدة ، ونفذ أجندته رئيس الوزراء البريطاني ، وتهكم بمسرحيته الرئيس الفنزويلي ( شافيز ) . .
ولكن العجيب في الأمر والغريب في التقدير هو ذلك الرقم المخيف الذي سيطال الدول العربية . . أو بعضها لتسدد الفاتورة العالمية ، فهو ليس ( 120 مليون دولار ) كما طلبت غــزة ، بل ولا ( 120 مليار دولار ) كما هو حصة دولة عربية واحدة ، بل المبلغ سيفوق مائتي مليار دولار ، فضلاً عن الخسائر الهائلة التي منيت بها هذه الدول في أسهم الخزانة الأمريكية ، وأعلنتها مؤسسات النقد العربية أو البنوك المركزية ، لنقف أمام هذا المشهد متذكرين مهطعين أمام قدرة العظيم سبحانه ، الذي يسير هذا الكون ، ويدبر الأمر ، وكل يوم هو في شأن . . فماذا سيضيركم أيها العرب لو دفعتم لإخوانكم في غزة مائة وعشرين مليون دولار؟
ها أنتم هؤلاء تدعون لدفع أضعاف أضعاف هذا المبلغ فهل من مدكر ؟
منقووووول